
عهدته سريعا، منضبطا، مراعيا لمواعيده، حريصا حتّى على الركيكة منها
لم يتخلّف يوما عن لقاء تعهّده
كلّ أوقاته دقيقة حتّى الملل....، دقيقة حتّى الملل
لكنّه اليوم و كغير عادته تأخّر عن موعد قهوته المسائيّة
عدّة دقائق مرّت هذا اليوم، و لم يأتي
ساعات مرّت هذا اليوم، و لم يأتي
أيّام مرّت...، أسابيع...، شهور طويلة مرّت هذا اليوم و لم يأتي
سنوات مرّت هذا اليوم، و لم يأتي
سنوات مرّت هذا المساء، و لم يأتي
كلّ ندل الحانة يترصّدون قدومه خلف السّتار
كلّ حرفاء المقهى المجاور يترصّدون قدومه تحت الجدار
حتّى من موظّف التّأمين و خدم النّزل و سائق المركبة، و حتّى من صاحب المركبة....، يترصّدون قدومه حذو الجدار
مرّت خمس سنوات، و اقتربت شمس هذا اليوم الأزليّ من الفناء....، و فجأة لمحته يقترب من الباب الخلفيّ للحانة
لمحته كغير عادته، مرهقا، و كأنّه يحمل وزرا ثقيلا على صدره
لمحته و قد رسمت له شمس المساء المنخفضة فوق جدار شركة التّأمين ظلّين متباينين
ظِلٌ منحني، منكسر، شاحب، يكاد ينصهر داخل الجدار أو يسقط تحت بلاط الرّصيف
و ظِلٌ مرتفع، فاتل لعضلاته، موقد لنظراته، يحاول جاهدا أن يطمس آثار توأمه خجلا و كبرياءً
لم يتبيّن جلّ الحضور إعياءه...، واصل المشي حتّى عتبة الباب الخلفيّ للحانة
وقف عندها منهكا، مرهقا، خائر القوى...، و قد تبيّن لي سرّ ظلـّيه
تبيّن لي منقسما إلى نصفين....؛
نصف يحترق، و نصف يكسوه الجليد
أتذكّر أنّه نبس ببعض كلمات يحصي فيها كم من خمس سنوات يعدّ اليوم...؛
نظرت إليه بعدها عاملة التنظيف و كأنّها تعلمه باهتمامها بشأنه
ضرب لها موعدا تعهّد أن يسرّها خلاله ما خفي عنها من أقاصيصه
حان وقت الموعد، و لكنّه حتّى يومها لم يأتي....؛
لم يكن بعيدا، لكنّه لم يأتي...؛
بقي فقط يجرّ ورائه ظلّيه...؛
ظلّ النصفِ الذي يحترق....، و ظلّ النصفِ الذي يكسوه الجليد
لم يتخلّف يوما عن لقاء تعهّده
كلّ أوقاته دقيقة حتّى الملل....، دقيقة حتّى الملل
لكنّه اليوم و كغير عادته تأخّر عن موعد قهوته المسائيّة
عدّة دقائق مرّت هذا اليوم، و لم يأتي
ساعات مرّت هذا اليوم، و لم يأتي
أيّام مرّت...، أسابيع...، شهور طويلة مرّت هذا اليوم و لم يأتي
سنوات مرّت هذا اليوم، و لم يأتي
سنوات مرّت هذا المساء، و لم يأتي
كلّ ندل الحانة يترصّدون قدومه خلف السّتار
كلّ حرفاء المقهى المجاور يترصّدون قدومه تحت الجدار
حتّى من موظّف التّأمين و خدم النّزل و سائق المركبة، و حتّى من صاحب المركبة....، يترصّدون قدومه حذو الجدار
مرّت خمس سنوات، و اقتربت شمس هذا اليوم الأزليّ من الفناء....، و فجأة لمحته يقترب من الباب الخلفيّ للحانة
لمحته كغير عادته، مرهقا، و كأنّه يحمل وزرا ثقيلا على صدره
لمحته و قد رسمت له شمس المساء المنخفضة فوق جدار شركة التّأمين ظلّين متباينين
ظِلٌ منحني، منكسر، شاحب، يكاد ينصهر داخل الجدار أو يسقط تحت بلاط الرّصيف
و ظِلٌ مرتفع، فاتل لعضلاته، موقد لنظراته، يحاول جاهدا أن يطمس آثار توأمه خجلا و كبرياءً
لم يتبيّن جلّ الحضور إعياءه...، واصل المشي حتّى عتبة الباب الخلفيّ للحانة
وقف عندها منهكا، مرهقا، خائر القوى...، و قد تبيّن لي سرّ ظلـّيه
تبيّن لي منقسما إلى نصفين....؛
نصف يحترق، و نصف يكسوه الجليد
أتذكّر أنّه نبس ببعض كلمات يحصي فيها كم من خمس سنوات يعدّ اليوم...؛
نظرت إليه بعدها عاملة التنظيف و كأنّها تعلمه باهتمامها بشأنه
ضرب لها موعدا تعهّد أن يسرّها خلاله ما خفي عنها من أقاصيصه
حان وقت الموعد، و لكنّه حتّى يومها لم يأتي....؛
لم يكن بعيدا، لكنّه لم يأتي...؛
بقي فقط يجرّ ورائه ظلّيه...؛
ظلّ النصفِ الذي يحترق....، و ظلّ النصفِ الذي يكسوه الجليد